شرح نموذج ذرة طومسون

شرح نموذج ذرة طومسون

يُعد نموذج طومسون الذري أقدم وصف نظري للبنية الداخلية للذرات، اقترحه العالم ويليام طومسون (اللورد كلفن) في حوالي عام 1900م، وأيده بشدة السير جوزيف جون طومسون، والذي اكتشف الإلكترون (وهو جسيم سالب الشحنة يدور حول نواة الذرة) في عام 1897م، وعلى الرغم من تطوير العديد من النماذج البديلة في القرن العشرين، إلا أن جوزيف طومسون أكد أن الذرات عبارة عن كرة من الشحنة الموجبة يتم دمج الإلكترونات السالبة فيها بشكلٍ عشوائي.^[١][٢]

عُرف نموذج طومسون للذرة باسم نموذج حلوى البرقوق (بالإنجليزية: The plum pudding model) لأن الإلكترونات تشبه الزبيب المشتت في بودنج البرقوق الذي يمثل (سحابة الشحنة الموجبة)، وهي حلوى إنجليزية شهيرة، إلا أنه كان لا بد من التخلي عن هذا النموذج في عام 1911م لأسباب نظريةٍ وتجريبية لصالح نموذج رذرفورد الذري، والذي يوضح أن الإلكترونات تدور في مدارات حول نواة موجبة صغيرة.^[١][٢]

اكتشاف الإلكترون وعلاقته بنموذج ذرة طومسون

في أواخر القرن التاسع عشر، قام الفيزيائي جوزيف طومسون بتجربة أنابيب أشعة الكاثود، وهي عبارة عن أنابيب زجاجية محكمة الإغلاق يتم تفريغ معظم الهواء منها، ويتم تطبيق جهد عال عبر قطبين في أحد طرفي الأنبوب، مما يتسبب بتدفق حزمة جسيمات من الكاثود (القطب ذو الشحنة السالبة) إلى الأنود (القطب ذو الشحنة الموجبة)، حيث سميت هذه الجسيمات بشعاع الكاثود، ويعود سبب تسميتها إلى أن هذا الشعاع ينبعث من القطب السالب للأنبوب، أو الكاثود.^[٣][٢]

وضع طومسون صفحتين كهربائيتين مشحونتين بشحنتين مختلفتين حول شعاع الكاثود (صفيحة موجبة والأخرى سالبة)، فانحرف شعاع الكاثود بعيدًا عن الصفيحة الكهربائية السالبة، واتجه نحو الصفيحة الكهربائية الموجبة، وهذا يشير إلى أن أشعة الكاثود تتكون من مجموعة من الجسيمات سالبة الشحنة، والتي تُسمى الآن بالإلكترونات،^[٤] وفي عام 1906م حصل طومسون على جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافه للإلكترون، بحيث دحض اكتشاف الإلكترون جزءًا من نظرية دالتون الذرية التي افترض فيها أن الذرات غير قابلة للتجزئة، ولأجل تفسير وجود الإلكترونات، ظهرت الحاجة إلى وضع نموذج ذري جديد تمامًا، وهو نموذج طومسون للذرة.^[٣][٢]

نتائج تجربة طومسون

من خلال التجارب التي قاس فيها طومسون انحراف حزمة الإلكترونات في مجال مغناطيسي، عن طريق وضع مغناطيسين على جانبي الأنبوب، وتكرار هذه التجارب باستخدام معادن مختلفة كمواد للقطب الكهربائي، حصل طومسون على الاستنتاجات الآتية:^[٣][٢]

• يتكون شعاع الكاثود من جسيمات سالبة الشحنة.
• يمكن إنتاج الإلكترونات من أقطاب كهربائية مصنوعة من أنواع مختلفة من المعادن، ولذلك استنتج أن جميع الذرات تحتوي على إلكترونات.
• نظرًا لأنه من المعروف أن الذرات متعادلة كهربائيًا، افترض طومسون أن الذرات يجب أن تحتوي أيضًا على بعض الشحنة الموجبة.
• يجب أن توجد الجسيمات كجزء من الذرة، لأن كتلة كل جسيم لا تزيد عن 1/2000 من كتلة ذرة الهيدروجين.
• يمكن العثور على هذه الجسيمات دون الذرية داخل ذرات جميع العناصر.

أسباب دحض نموذج ذرة طومسون

في عام 1911م أجرى عالم الفيزياء إرنست رذرفورد تجربة لاختبار نموذج طومسون للذرة عُرفت بتجربة رقاقة الذهب، إذ أطلق رذرفورد شعاعًا رفيعًا من جسيمات ألفا (α) على صفيحة رفيعة جدًا من الذهب الخالص (جسيمات ألفا هي نوى هيليوم، 2+​He) واستنادًا إلى نموذج طومسون، توقع رذرفورد أن جميع جسيمات ألفا سوف تمر مباشرة عبر رقائق الذهب، ويرجع ذلك إلى افتراض أن الشحنة الموجبة في نموذج طومسون تنتشر عبر كامل حجم الذرة، ولذلك فإن المجال الكهربائي سيكون ضعيفًا جدًا بحيث لا يؤثر بشكل كبير على مسار جسيمات ألفا الضخمة نسبيًا وسريعة الحركة.^[٣][٥]

كانت نتائج التجربة مختلفة تمامًا عن تلك التي توقعها رذرفورد، فعلى الرغم من أن معظم الجسيمات مرت بشكل مستقيم عبر الرقاقة، إلا أن العديد من الجسيمات انحرفت بزوايا كبيرة، وانعكس بعضها ولم يصطدم بالكاشف أبدًا، وكانت هذه النتيجة مفاجأة كبيرة لراذرفورد، وكتَب أن هذه النتيجة يمكن مقارنتها بإطلاق قذيفة مدفع على قطعة من الورق، ثم ترتد هذه القذيفة للخلف.^[٣][٥]

نتائج تجربة رقاقة الذهب التي دحضت نموذج طومسون

بناءً على النتائج التجريبية لتجربة رقاقة الذهب توصل رذرفورد إلى الاستنتاجات الآتية حول بنية الذرة:^[٣]

• يجب أن تتمركز الشحنة الموجبة على حجم صغير جدًا من الذرة، والذي يحتوي أيضًا على معظم كتلة الذرة، وهذا بسبب انحراف جزء صغير جدًا من جسيمات ألفا بشكل كبير، وذلك بسبب الاصطدام النادر بنواة الذهب.
• نظرًا لأن معظم جسيمات ألفا مرت مباشرة عبر الرقاقة الذهبية، يجب أن تتكون الذرة في الغالب من مساحة فارغة.
• قام رذرفورد باقتراح النموذج النووي للذرة، حيث تتكون الذرة من نواة صغيرة جدًا موجبة الشحنة محاطة بالإلكترونات سالبة الشحنة.